استراتيجية التدريس باستخدام مصادر المعرفة
يقدم الدكتور عبد اللطيف بن علي العريشي في مقالته هذه استراتيجية التدريس باستخدام مصادر المعرفة كطريقة رائدة لتحفيز التفاعل والمشاركة النشطة لدى الطلاب. تركز الاستراتيجية على تمكين الطلاب من البحث الذاتي وتنظيم المعلومات بشكل إبداعي، مع تعزيز الحوار والتفكير النقدي. يرى العريشي أن هذه الطريقة فعّالة في تطوير مهارات البحث والتفكير لدى الطلاب، ويؤكد على أهمية تطبيقها في المرحلة الثانوية لتعزيز فاعلية التعلم.
استراتيجية التدريس باستخدام مصادر المعرفة
بقلم الدكتور عبد اللطيف بن علي العريشي
أصبحت الحاجة ملحة اليوم إلى تغيير أساليب التدريس التقليدية، وخاصة أسلوب التلقين المعتاد للعلوم والمعارف دون إشراك المتعلم في البحث والاكتشاف عنها ، فتلك الطريقة قد حولت المتعلم إلى متعلم خامل، يتقبل الأفكار كما هي دون محاورتها أو حتى استيعابها، وأصبح المتعلم متقبلاً لكل ما يتلقى، سواء كان صحيحاً أو غير صحيح، إذ جعلته وعاء لكل ما يسمع أو يقرأ، ولكي لا يساهم المعلم في ذلك عليه أن يغيّر طريقة التدريس التقليدية، فماذا يفعل المعلم ليصنع من طلابه متعلمين فاعلين واعين لكل ما يدور حولهم.
لقد تطورت استراتيجيات التدريس اليوم بصورة كبيرة، مما ساهم في تجديد وتطور العملية التعليمية من وقت لآخر، يجمعها أن يتفاعل المتعلم أثناء عملية التعلم، وهناك من تلك الاستراتيجيات ما تساعد على تعلم الطالب وتكسبه مهارات عملية وتفكيرية، يمكن من خلالها التعلم بشكل تلقائي/ذاتي، والاندماج مع الأقران. وأريد اليوم أن أكتب لكم عن استراتيجية فعالة طبقتها مع طلابي في المرحلة الثانوية في المملكة العربية السعودية، ورأيت جدواها على مدى سنوات عديدة، وأسميتها باستراتيجية (التدريس باستخدام مصادر المعرفة) وتعد هذه الاستراتيجية من أنجع الطرق في رفع كفاءة التعلم والمتعلم على حد سواء، وإكسابه المهارات.
ماهيتها:
الفكرة المبسط لاستراتيجية (التدريس باستخدام مصادر المعرفة) أن يتعلم الطلاب بأنفسهم من خلال البحث عن المعلومة، وتنظيمها، وتحقيق أهداف الدرس، وعرض نواتج التعلم في نماذج مختلفة.
مميزات الاستراتيجية:
وضوح الهدف من الدرس.
تشجع على الحوار والمناقشة والتشارك.
تحفز الجميع على المشاركة وتبادل الأفكار.
تساعد على التفكير النقدي.
تعود الطلاب على عمل الملخصات وطرق استخدامها.
تعلم الطلاب التعلم الذاتي وطرق البحث عن المعلومات.
تمنح الطلاب حرية التفكير والتعبير.
شروطها:
أن تطبق مع طلاب المرحلة الثانوية، خاصة الصف الثالث.
يجهز المعلم الأدوات اللازمة التي يحتاجها الطلاب.
تدريب الطلاب مسبقا على مهارات استخدام الانترنت والبحث والتلخيص والرسوم والجداول.
عدم استخدام الكتاب المدرسي.
العمليات:
يصمم المعلم خبرة تعليمية للطلاب عن درس محدد، في ورقة عمل يسحل فيها عنوان الدرس، والأهداف، ومفردات الدرس، ثم يقوم بتوزيع طلابه في الفصل إلى مجموعات متوازنة في المستوى الدراسي، ثم يطلب منهم معالجة موضوع الدرس وفق المفردات المحددة التي قدمت لكل مجموعة، مع توفير الكتب والمجلات العلمية التي تخدم الدرس المحدد، بالإضافة لتوفير (الانترنت) وأجهزة ذكية، ثم يترك لطلابه البحث عن تلك المفردات، من خلال الكتب، المجلات المتخصصة، المواقع الالكترونية المعتمدة، الذكاء الاصطناعي، محدداً لهم الزمن، ثم يطلب منهم بعد ذلك تقديم المعلومات شفهياً، بعد تلخيصها في أحد أشكال التلخيص: (جداول - سؤال وجواب – خريطة مفاهيم – شجرة الذاكرة ...) مستخدمين الألوان ، ثم تعرض كل مجموعة منجزاتها الورقية على لوحة العرض داخل الصف، ثم مناقشة طلاب المجموعات لبعضهم في المعلومات ومدى استيفائهم لها، وهل حققت أهداف الدرس المعلنة؟ ومدى مطابقتها لمعلومات الكتاب المدرسي فيما بعد.
دور المعلم:
دور المعلم هنا دور الوسيط فقط، فهو يقوم على التوجيه ومراقبة عملية التعلم، والتقييم أثناء العملية التعليمية للمجموعات على السبورة بوضع النقاط لكل منجز تقدمه المجموعة، ليعلن المجموعة الفائزة التي حققت نقاطاً أكثر.
هنا يكون المعلم قد حقق أكثر من استراتيجية (التعلم التعاوني، مهارات البحث، استخدام الانترنت، خرائط المفاهيم، استخدام محركات البحث، وغيرها) وأكسب أكثر من مهارة (التشارك، المناقشة، الحوار، التواصل، التعاون، التحدث، التفكير، والنقد، وغيرها) وعزز فيهم الثقة في أنفسهم، وأشعل فيهم روح المنافسة، وزرع فيهم دافعية التعلم البناء. وبذلك يكون قد حقق أكثر من هدف وأكسب مهارات متنوعة لطلابه، وأظهر إبداعاتهم المتنوعة. وهذا ما يدفع الطلاب للتفاعل والإنتاج، إذ قدموا منتجاً في النهاية يفاخرون به، وشاركوا في الحصول على المعلومة، واكتشفوها بأنفسهم، وناقشوها وتحدثوا بها أمام زملائهم ... ويبقى دور المعلم في إدارة عملية التعلم، والتغذية الراجعة فيما، وربط معلومات الكتاب المدرسي بما قدمه الطلاب. وهذه كلها إيجابيات يسعى لها المعلم المبدع، وأنت واحد منهم.